خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 22 من شعبان 1443هـ - الموافق 25 / 3 / 2022م
أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( [ال عمران: 102]، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب 70- 71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- خَلَقَ الجَنَّةَ وَأَعَدَّهَا لِعِبَادِهِ الـمُتَّقِينَ الـمُسْتَجِيبِينَ لِأَوَامِرِهِ، الـمُجْتَنِبِينَ لِنَوَاهِيهِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِعِبَادِهِ أَسْبَاباً كَثِيرَةً لِيَفُوزُوا بِدُخُولِ الجَنَّةِ، وَلِيَغْنَمُوا جِوَارَ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، وَالنَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَذَلِكَ مِنْ رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ، وَفَضْلِهِ وَمَنِّهِ وَإِحْسَانِهِ، وَمِنْ هَذِهِ الأَسْبَابِ: حُسْنُ الخُلُقِ وَمَكارِمُ الصِّفَاتِ، الَّتِي هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالصَّالِحِينَ، بِهَا تُنَالُ الدَّرَجَاتُ، وَتُرْفَعُ المَقَامَاتُ، وَتُكْسَبُ بِهَا القُلُوبُ، وَتَتَأَثَّرُ بِهَا النُّفُوسُ.
وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ، وَالتَّمَسُّكِ بِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَ التَّقْوَى وَحُسْنِ الخُلُقِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ: تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَقَدْ خَصَّ اللهُ جَلَّ وَعَلَا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِآيَةٍ جَمَعَتْ لَهُ مَحَامِدَ الأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَ الآدَابِ، فَقَالَ عَزَّ جَلَّ: )وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ( [القلم:4]، فَحُسْنُ الخُلُقِ يُوجِبُ التَّحَابَّ وَالتَّآلُفَ، وَسُوءُ الخُلُقِ يُثْمِرُ التَّبَاغُضَ وَالتَّحَاسُدَ وَالتَّدَابُرَ.
أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ:
إِنَّ حُسْنَ الخُلُقِ: هُوَ طَلَاقَةُ الوَجْهِ، وَبَذْلُ الـمَعْرُوفِ، وَكَفُّ الأَذَى عَنِ النَّاسِ، هَذَا مَعَ مَا يُلَازِمُ الـمُسْلِمَ مِنْ كَلَامٍ حَسَنٍ، وَمُدَارَاةٍ لِلْغَضَبِ، وَاحْتِمَالِ الأَذَى.
وَتَأَمَّلْ - أَخِي الكَرِيمَ - الأَثَرَ العَظِيمَ وَالثَّوَابَ الجَزِيلَ لِهَذِهِ المَنْقَبَةِ المَحْمُودَةِ والْـخَصْلَةِ الطَّيِّبَةِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا].
وَعَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُسْنَ الخُلُقِ مِنْ كَمَالِ الإِيمَانِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَكْمَلُ الْـمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقاً» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَعَلَيْكَ بِامْتِثَالِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا ، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْـمَسْجِدِ ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْـمَدِينَةِ ، شَهْرًا» [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].
وَالـمُسْلِمُ مَأْمُورٌ بِالكَلِمَةِ الهَيِّنَةِ اللَّيِّنَةِ لِتَـكُونَ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ؟ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]. بَلْ إِنَّ التَّـبَسُّمَ الَّذِي لَا يُكَلِّفُ الـمُسْلِمَ شَيْئًا لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ؛ «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ التَّوْجِيهَاتِ النَّبَوِيَّةَ فِي الحَثِّ عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ وَاحْتِمَالِ الأَذَى كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَسِيرَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمُوذَجٌ يُحْتَذَى بِهِ فِي حُسْنِ الخُلُقِ مَعَ نَفْسِهِ، وَمَعَ زَوْجَاتِهِ، وَمَعَ جِيرَانِهِ، وَمَعَ ضُعَفَاءِ الـمُسْلِمِينَ، وَمَعَ جَهَلَتِهِمْ، بَلْ مَعَ الكَافِرِ أَيْضًا؛ قَالَ تَعَالَى: )وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى( [المائدة:8].
فَعَلَيْكَ - أَخِي المُسْلِمَ - بِوَصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجَامِعَةِ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِــعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
جَعَلَنْا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَـكُمْ أَخْلَاقًا» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ والـمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ، اللَّهُمَّ حَسِّنْ أَخْلَاقَنَا وَجَمِّلْ أَفْعَالَنَا، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الـمُسْلِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ كَمَا يُحِبُّهُ رَبُّنَا وَيَرْضَاهُ، نَحْمَدُهُ تَعَالَى وَنَشْكُرُهُ، وَنَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ ذَكَرْنَا أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، أَلَا وَهُوَ حُسْنُ الخُلُقِ، وَنَذْكُرُ بَعْضَ الأَعْمَالِ الأُخْرَى الـمُقَرِّبَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، الَّتِي تَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِ الجَنَّةِ، مِنْهَا: التَّوْحِيدُ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ].
وَمِنْهَا أَيْضاً: صِلَةُ الرَّحِمِ؛ فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
وَمِمَّا يُدْخِلُ النِّسَاءَ الجَنَّةَ: طَاعَةُ الـمَرْأَةِ زَوْجَهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الـمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].
كَذَلِكَ يَا عِبَادَ اللهِ، مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ وَيَكُونُ سَبَبًا فِي دُخُولِـهِمُ الجَنَّةَ: تَرْبِيَةُ البَنَاتِ أَوِ الأَخَوَاتِ وَإِعَالَتُهُنَّ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ].
وَمِنْ تِلْكَ الأَعْمَالِ أَيْضًا: الـمُحَافَظَةُ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ مَعَ الفَرَائِضِ؛ فَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَمْلَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
وَمِنْ تِلْكَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ -عِبَادَ اللهِ-: قِيَامُ اللَّيْلِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ].
وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ أَيْضاً - أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ-: الـمَشْيُ إِلَى الـمَسَاجِدِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الـمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]، وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ كَذَلِكَ: الـمُحَافَظَةُ عَلَى صَـلَاتَيِ الفَـجْرِ وَالعَصْرِ؛ فَعَنْ أَبِي زُهَيْرٍ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ] يَعْنِي: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ . بَلْ إِنَّ الـمُحَافَظَةَ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ سَبَبٌ فِي رُؤْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِحَدِيثِ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَأَخِيرًا -عِبَادَ اللهِ- فَإِنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّبَاعَ سُنَّتِهِ سَبَبٌ رَئِيسٌ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى» قِيلَ: وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ].
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ أَعْلِ كَلِمَةَ الحَقِّ وَالدِّينِ، وَانْصُرِ الإِسْلَامَ، وَأَعِزَّ الـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالـمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة